مركز طموح.. ومبادرة توظيف الطلاب

مشاري العفالق – نقلا عن اليوم

كتبت الأسبوع الماضي مقالة بعنوان (لنبدأ استراتيجية جديدة لسعودة الوظائف)، وكان محورها الأساسي هو ضرورة إتاحة المجال لطلبة الثانويات والجامعات لممارسة العمل بعقود سنوية لاكتساب الخبرة وتنمية روح المسؤولية أثناء سنوات دراستهم، وهو ما سيوجد كما أعتقد حلاً عملياً واستراتيجياً لمشكلة السعودة.

وقبل أيام تلقيت دعوة من مدير مركز طموح الذي أنشأته ثانوية الشيخ محمد بن عبدالوهاب التابعة للحرس الوطني في الأحساء؛ لاطلاعي على نشاط المركز الذي لقي دعماً من قطاع الأعمال في المحافظة، ومن أكثر من عشر شركات أرادت أن تشارك في إنجاحه إما بالدعم المالي أو التفاعل مع أنشطته.

المصلحة تتطلب إعادة التفكير إجمالاً في دور المدرسة، طاقات الطلاب المهدرة، كيفية الحد من الوافدين في أسفل السلم، كيفية تزويد السعوديين بالخبرات الحرفية والمهنية لشغل الوظائف القياديةوكان لافتاً أن المدرسة أنتجت مواد مرئية متميزة وتقنيات برمجية تخص المدرسة من خلال أفكار وتنفيذ بعض الطلاب، ولَكم تمنيت أن لا يُحرم القطاع الخاص من أمثال هؤلاء المبدعين الذين إن استمر تجاهلهم إلى مرحلة ما بعد التخرج فلن يكون بمقدورنا الاستفادة منهم في المستويات المهنية للعمل، والتي تكسب الخبرة وتصقل الموهبة وتعزز الجدية في العمل، وربما ينقضي طموحهم وتقل رغبتهم في إثبات جدارتهم.

وأثناء الجولة التي صحبت فيها الأستاذ أحمد الفريح حيث شرح لي خلالها العمل الذي قام به مع الإدارة وزملائه لدعم فكرة تعزيز الطموح لدى الطلاب، سعدت كثيراً بأن ألمس أن المركز قام بتفعيل فكرة تشجيع الطلاب على العمل مع القطاع الخاص بعد وقت الدراسة على أرض الواقع.

وكما علمت فإن أكثر من أربعة طلاب تم من خلال المركز توظيفهم في بعض الشركات التي وافقت على منحهم مكافأة شهرية بين ألف وخمسمائة ريال إلى ألفي ريال نظير العمل لمدة لا تزيد عن خمس ساعات لخمسة أيام في الأسبوع، ومع منحهم إجازات لفترات الاختبارات.

سألت الفريح عن أداء الطلبة ومدى التزامهم مع أصحاب العمل، ومستوى إنتاجيتهم، فأكد أنهم من خلال تواصلهم مع الشركات التي تبنت هذه المواهب لمسوا منهم أنهم فاقوا توقعاتهم من حيث الالتزام والجدية والاستعداد لتعلم المهارة، والتأقلم مع المجموعة والعمل.

وفي نظري أن ذلك منطقي لأنهم دخلوا سوق العمل من بداية السلم الوظيفي، قبل أن يحصلوا على شهادة جامعية مما يجعلهم أكثر قدرة على التلاؤم مع هذه الوظائف التي تتطلب جهوداً حرفية وصبراً، وفي المقابل تقاضي أجور زهيدة، لكنها تكسب الطالب خبرات لا يمكن أن يكتسبها من خلال الشهادة الجامعية أو الوظيفة الإدارية.

هذه التجربة على بساطتها وقلة مواردها قدمت -من وجهة نظري الشخصية- إضافة في النظر لدور التعليم والمدرسة الحكومية خصوصاً والتي لا تعدو عادةً عن كونها مكاناً لحشو رؤوس الطلبة بالدروس التي ستُنسى عاجلاً أم آجلاً، ولن يظل إلا الدرجات التي تحملها الشهادة والتي تنقل الطالب من مستوى تعليمي إلى آخر دون أن تُضيف له على المدى البعيد سوى شهادة جامعية دون خبرة لا تسمن ولا تغني من جوع.

لهذا أتمنى أن تعمم وزارة التربية والتعليم هذه التجربة على كافة المدارس الثانوية على الأقل، فنحن أحوج ما نكون لبرامج واقعية لتعزيز الطموح والمشاركة الإيجابية للطلاب والطالبات في المجتمع، وليكن الهدف الأول لهذه المراكز اكتشاف الموهوبين وتدريبهم وتسويقهم على القطاع الخاص بعقود تحمي الطرفين.

على أي حال فإن هذه المحاولة التي قامت بها مدرسة في الأحساء (وبالتأكيد توجد حالات فردية أيضاً لطلاب يعملون أثناء عمر الدراسة)، مع أنها لا تكفي لتغيير وضع البطالة وملف السعودة، لكنها مثلت مؤشرات إيجابية ومبشرة على أن أمام وزارة العمل (التي تعتبر الطالب السعودي بنصف سعودي في برنامج نطاقات للأسف الشديد)، فرصة لدعم مسار السعودة بطريقة جديدة، وتقليل الاعتماد على العمالة وغير السعوديين في المستويات الدنيا من الوظائف من خلال تشجيع توظيف الطلبة السعوديين.

وهذا التوجه أيضاً يعني أن الطالب سيكون أمامه الخيار لكسب قوت يومه بدلاً من إثقال كاهل أولياء الأمور، وشغل وقته بما يفيد بدلاً من إضاعة الوقت الثمين فيما لا ينفع حتى أصبحت المملكة التي يمثل الشباب 60% منها تتصدر دول العالم في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وأخيراً سيحصل الطالب على الخبرة التي تشترطها جهات العمل المختلفة لتوظيف خريجي البكالوريوس في وظائف تناسب مؤهلاتهم، وبرواتب مناسبة.

كما أن على وزارة التعليم العالي دورا موازيا لتعديل شروط الابتعاث للدراسات العليا ليكون أحد أهم شروطها الخبرة، لتعزيز العمل قبل الحصول على درجتي الماجستير والدكتوراة، وهذا الأمر تشترط حتى الجامعات لا سيما في الشهادات المهنية، إلا إذا كان الهدف ابتعاث مئات الآلاف من المبتعثين والمبتعثات سيعملون في الجامعات؟!

على أي حال فكما ذكرت في المقال السابق فإن الأفكار والحلول التي تبدو مختلفة جذرياً ليس بالأمر السهل تقبلها، ولكن المصلحة تتطلب إعادة التفكير إجمالاً في دور المدرسة، طاقات الطلاب المهدرة، كيفية الحد من الوافدين في أسفل السلم، كيفية تزويد السعوديين بالخبرات الحرفية والمهنية لشغل الوظائف القيادية، وقبل كل هذا أهمية تنسيق الجهود بين كافة الجهات المعنية بالتعليم والتأهيل والعمل لتعزيز فرص السعوديين في العمل.

خبرة.كوم

منظمة سعودية تعمل لخدمة الطلبة منذ عام 2008م كأول جهة توظيف للطلبة بالمملكة العربية السعودية، تقدم خدمات التوظيف والتدريب عبر بناء شراكات فعالة مع جهات محلية وعالمية تهدف الى تغيير المجتمع الطلابي السعودي الى مجتمع منتج عبر إتاحت الفرص الوظيفية وبرامج التدريب والاستشارات المهنية والخدمات الإحترافية

القائمة البريدية